مع انتهاء جولة التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل، عاد الملف النووي الإيراني ليحتل صدارة المشهد الدولي، مدفوعًا بتصريحات متبادلة تشير إلى إمكانية العودة إلى طاولة المفاوضات، وسط شروط وتعقيدات متزايدة.
وفي الوقت الذي أبدت فيه طهران استعدادًا مشروطًا للحوار، يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى فرض اتفاق نووي جديد يعتبره “أفضل من اتفاق 2015″، مشددًا على ضرورة منع إيران من تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها، حتى لأغراض سلمية، والاكتفاء باستيراده من الخارج.
ووصف الدبلوماسي اللبناني، السفير مسعود معلوف، دعوة ترامب للتفاوض بأنها تحمل “تناقضًا سياسيًا”، خاصة في ظل إعلان الأخير بأن الضربات الجوية الأمريكية “قضت على البرنامج النووي الإيراني بالكامل”.
وأوضح معلوف أن ترامب يبحث عن اتفاق يُسوق له داخليًا على أنه إنجاز يتفوق على اتفاق إدارة أوباما، الذي انسحب منه عام 2018، معتبرًا أن الرئيس الأمريكي يستخدم لغة المبالغة لتحقيق مكاسب سياسية داخلية.
وبشأن موقف طهران بعد وقف إطلاق النار مع إسرائيل، أشار معلوف إلى أن إيران ستدخل المفاوضات بسقف مرتفع، مستفيدة مما تسميه “نصرًا سياسيًا”، مع احتمالية تقديم تنازلات لاحقة في بعض الملفات، بشرط الحصول على ضمانات بعدم تكرار الانسحاب الأمريكي من الاتفاق كما حدث سابقًا.
وشدد معلوف على أن طهران لن تقبل بأي اتفاق جديد دون تمريره عبر الكونغرس الأمريكي، لضمان استقراره وعدم نقضه بقرار رئاسي لاحق، كما حصل في 2018، مضيفًا أن رفع العقوبات النفطية والمصرفية يمثل أولوية مطلقة لإيران، رغم انقسام الساحة السياسية الأمريكية بشأن هذه المسألة.
كما أشار إلى أن الوضع السياسي الداخلي في واشنطن لا يدعم الدخول في اتفاق كبير حاليًا، لافتًا إلى استطلاع رأي أظهر أن 53% من الجمهوريين لا يؤيدون الدخول في حرب مع إيران، وأن هناك انتقادات حتى من داخل معسكر ترامب بسبب الضربة العسكرية المشتركة مع إسرائيل.
واعتبر معلوف أن ترامب قد لا يسعى لاتفاق شامل، بل لاتفاق “محسن ولو بشكل محدود”، يسمح له بإعلانه إنجازًا تفاوضيًا كبيرًا، حال تقديم طهران بعض التنازلات.
وبينما تصر إيران على أن أي تفاوض يجب أن يقتصر على الملف النووي، وترفض توسيعه ليشمل برنامجها الصاروخي أو نفوذها الإقليمي، تبقى فرص التفاهم مرهونة بتنازلات متبادلة، في ظل مشهد دولي معقد، وميدان سياسي لا يخلو من الألغام.
Arabic