ديلي سبورت عربي _ وكالات
في ريال مدريد، لا وجود لبداية هادئة. كل خطوة، كل قرار، وكل تمريرة تخضع للتدقيق. تشابي ألونسو أدرك ذلك بسرعة. بعد أسابيع فقط من استلامه المهمة خلفًا لكارلو أنشيلوتي، وجد نفسه في قلب العاصفة. بين تطلعات إدارة لا تعرف الصبر، وغرفة ملابس مترفة بالألقاب، لكنها أقل استعدادًا لتغيير العادات التي ورثتها من العهد السابق.
من باريس إلى الديربي: بداية تهتز
خسارة 4-0 أمام باريس سان جيرمان في نصف نهائي كأس العالم للأندية كانت أول صفعة. ثم جاءت الهزيمة 5-2 في الديربي أمام أتلتيكو مدريد لتفتح باب الأسئلة حول جدوى الثورة التي يقودها المدرب الجديد.
في مدريد، لا تُقاس الثقة بالتصريحات بل بالنتائج. وقد أدرك ألونسو أن أي زلة جديدة في الأسابيع الحاسمة. أمام يوفنتوس، برشلونة، وليفربول. قد تُعتبر إنذارًا مبكرًا من النادي.
لكن ريال مدريد استجاب. فاز على يوفنتوس، ثم على برشلونة في الكلاسيكو بنتيجة 2-1، ليقف في صدارة الليغا بفارق خمس نقاط عن حامل اللقب.
كان هذا الانتصار أكثر من ثلاث نقاط؛ كان إعلانًا بأن مشروع ألونسو بدأ يثبت أقدامه.
كسر عادات أنشيلوتي مع ريال مدريد
حين وصل إلى فالديبيباس في يونيو، لم يُخفِ ألونسو دهشته مما رآه. قال أحد المقربين منه لـ«ذا أتلتيك»: “وجد فريقًا عظيمًا في كل شيء… إلا في التفاصيل الصغيرة التي تصنع الفارق”.
تحت قيادة أنشيلوتي، ساد جو من الثقة المطلقة، والاسترخاء النسبي في الإعداد. ألونسو رأى في ذلك خطرًا على المستقبل. فقرر أن يعيد الانضباط إلى قلب النظام.
أول قراراته كانت وضع ميثاق داخلي جديد ينظم حياة غرفة الملابس. من الانضباط في المواعيد إلى الجدية في التدريبات. لم تُفرض غرامات، لكن الرسالة كانت واضحة. لا امتيازات لأحد.
أضاف مصدر آخر: “ألونسو يريد أن يعمل الجميع أكثر، يركضوا أكثر، ويقاتلوا أكثر عندما لا تكون الكرة بحوزتهم. إنه يؤمن أن الانتصارات الكبرى تُبنى على الجهد قبل الموهبة”.

ريال مدريد.. ثورة في التفاصيل
منذ ذلك الحين تغيّر كل شيء في فالديبيباس.
التدريبات أصبحت أطول وأكثر تخصصًا. العمل في صالة الجيم أصبح إجباريًا. الجلسات التحليلية بالفيديو الجماعي والفردي صارت روتينًا لا يُستثنى منه أحد.
لكن هذه الانضباطية الجديدة لم تمر بهدوء. بعض النجوم شعروا أن هامش الحرية الذي اعتادوه تقلّص. أحدهم قال عبر مقرب منه: “لقد فزنا بكل شيء دون هذه القيود، فلماذا الآن؟”.
في المقابل، رأى آخرون أن ألونسو يُعيد روح الفريق التي تآكلت ببطء في السنوات الأخيرة.

صدام الأجيال
الاختلاف بين المدرستين. مرونة أنشيلوتي وانضباط ألونسو. خلق توترًا حتميًا. أحد المقربين من لاعب كبير وصف الأمر بوضوح: “أنشيلوتي كان أبًا. ألونسو مدرب. الفارق واضح”.
حتى المقارنة مع بيب غوارديولا بدأت تتردد في أروقة النادي، سواء بإعجاب أو سخرية. يقول مصدر في مدريد: “يعتقد أنه غوارديولا الجديد… لكنه ما زال في بداية الطريق”.
ألونسو لم يُخفِ إعجابه بأسلوب بيب، لكنه يُدرك أن مدريد ليست مانشستر. هناك، الأفكار تحتاج وقتًا لتترسخ. هنا، الوقت يُقاس بعدد الأهداف في الكلاسيكو.
جانب آخر من الثورة كان تقليص عدد الأشخاص المسموح لهم بالدخول إلى غرفة الملابس أو حضور التدريبات. العائلات، الوكلاء، وحتى بعض الإداريين جميعهم ابتعدوا عن المساحة اليومية للفريق.
كما شدد المدرب على السرية: لا تسريبات. لا أسماء قبل المباريات.
في السابق، كانت التشكيلة تُعرف قبل ساعات من إعلانها الرسمي. الآن، لا أحد يعلم. ألونسو اختبر لاعبيه في أول مباراة له أمام الهلال، لكن التشكيلة تسرّبت. بعد ذلك، أُغلق الباب نهائيًا.
دعم من الإدارة… حتى إشعار آخر
داخل النادي، يحظى ألونسو وطاقمه بتقدير عالٍ. مساعده سيباستيان باريا، والمعد البدني إيسمايل كامينفورتي، والمحللان ألبرتو إنسيناس وبنيات لابايين، جميعهم نالوا ثقة الإدارة لما أظهروه من احترافية.
لكن في مدريد، الثقة ليست شيكًا مفتوحًا.
ما يحمي المدرب الآن هو النتائج: صدارة الدوري، انطلاقة قوية في دوري الأبطال، وتطور واضح في مستوى لاعبين مثل أردا غولر، فرانكو ماستانتونو، ودين هويسن. كما أن كيليان مبابي يعيش أفضل فتراته، مسجلاً 18 مساهمة تهديفية في 13 مباراة.

التحدي الحقيقي
الثقة داخل ريال مدريد تُبنى أسبوعًا بعد أسبوع. يعرف ألونسو أن مشكلته ليست في الأفكار، بل في مدى استعداد اللاعبين لتقبّلها. فالثورة التي يقودها في الملعب قد تنجح أو تنهار في غرفة الملابس.
لكن في الوقت الراهن، يبدو أن الكلمة الأخيرة كانت له. فبعد الكلاسيكو، أصبح صوته مسموعًا أكثر من أي وقت مضى.
عناوين أخرى تهمك
في مدريد، النجاح لا يُقاس بالنتائج فقط، بل بقدرتك على ترويض العاصفة. وتشابي ألونسو، حتى الآن، يبدو أنه تعلّم كيف يبحر وسطها.

 
						
									