ترتبط العرضة السعودية بتاريخ الوطن وهويته، بوصفها إرثًا أصيلًا ورمزًا للوحدة والولاء، تناقلها السعوديون جيلًا بعد جيل في مناسبات الفرح والانتصار، وهي رقصة جماعية يؤديها الرجال مُصطفّين في صفوف متراصّة، مرددين في ثناياها الأبيات الوطنية على إيقاع قرع الطبول والتلويح بالسيوف، في ترنيمات تبعث روح القوة والحماس.
وبالعودة إلى تاريخ الدولة السعودية، ففي الثاني من شوال 1349هـ/فبراير 1932م، طلب الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -رحمه الله- من أبنائه وجنده أن يبتهجوا بقدوم العيد، بإقامة العرضة أمام قصره في المعابدة بمكة المكرمة، بمشاركة الأهالي، فارتفعت أصوات الطبول والبنادق.
وفي 16 شوال 1349هـ/مارس 1931م وعقب استعراض الجيش السعودي الذي حضره الملك عبدالعزيز، تقدَّم الأمراء والأعيان بالسيوف والبنادق مُردّدين القصائد الحماسية على إيقاع الطبول أمام قصره بمكة المكرمة، في مشهد يجمع بين الفرح بالعيد، والتعبير عن الولاء والانتماء.
وحافظ ملوك المملكة العربية السعودية على إرث العرضة السعودية، وأدّوا هذا الفن في مناسبات مختلفة بصفته رمزًا للهوية الوطنية، وامتدادًا لتاريخ عريق، وقد ارتبطت العرضة في الذاكرة الشعبية بالشجاعة والولاء، فكانت تعبيرًا صادقًا عن وحدة الصف، وقوة العزيمة، التي تُعبّر عن الولاء والشجاعة، وتستنهض الهمم وتوحد الصفوف، ومن نافلة القول: أن العرضة لم تعد مجرّد فن أدائي، بل رمز للقوة والوحدة والهوية الوطنية، وصلة وصلٍ بين الماضي والحاضر، يبعث في الأجيال روح الاعتزاز والفخر بالوطن وتاريخه.
ومن الأبيات الوطنية التي يطرب لها سامعها ما تردد في العرضة السعودية:
نجد شامت لأبو تركي وأخذها شيخنا
واخمرت عشاقها عقب لطم خشومها
لا بكت نجد العذية تهل دموعنا
بالهنادي قاصرين شوارب قومها